التاريخ : جغرافيا الزمن
التاريخ هو خطوات الطبيعة على الزمن كما أن الجعرافيا هي خطواتها على المكان , وعندما يفقد مسافر خريطته يصبح احتمال دخوله في التيه مرتفعة واحتمال خروجه منه منخفضة,كذلك تدخل امم في تيها الحضاري لأن خرائطها الزمنية - أي تاريخها- مليئة بالفراغات أو بالاخطاء ومشوشة في أفضل الاحيان,فتبدو مساراتها لتلمس الخروج من التيه - فضلا عن تفعيل امكاناتها - مليئة بالتخبط حتى لو صدقت النوايا
وعندما يتحول تاريخ أمة ما الى مكان للتباهي أو للتباكي وملعب لصراع الفرقاء السياسيين فانها تنفصل بذلك عن تجربتها الذاتية فتصيب بالانهاك أي محاولة نهضة جادة وصادقة
تاريخنا هو الآن أرض مجهوالة وأنا لا أعنى أن الاحداث مجهولة ,لكن السياق والمعنى هما مااعنيه وهذة الارض تحتاج الى تنقيب وصبر ورؤية أكثر عمقا للتيقن من مواقع اقدام امة تتطلع الى مستقبل فيه من الأمل والكرامة ما يكفى الاجيال المحبطة والجريحة التى تحيا عليها الآن, وهو ما يتطلب معالجة مبدعة مبنية على منهج تاريخي جيد والمنهج الجيد هو المنهج القادر على وضع الاحداث التاريخية على تنوعها في سياق يحمل معنى بما يمكنه من وضع تنبؤات تكون بمثابة العلامات الارشادية على مسيرة الامة
ان التأسيس هو أخطر مراحل البناء واصعبها وان كنا نطمح في بناء مشروع نهضة جديد على انقاض المشروع القومي الذى اضطلع به العسكر,فهذا يتطلب خريطة زمنية جديدة يمكن لقادة النهضة المنتظرة أن يرسو قواعدهم من خلالها ,أما هذا الظلام الخانق الذي يحيط بنظرتنا الى الوراء وهذة القفزات البهلوانية من عصر الى عصر فهى آخر ما نحتاجه الآن